الشريعة بعيداً عن السلطة الأبوية: إعادة تأويل نسوية من أجل العدالة
الشريعة بعيداً عن السلطة الأبوية: إعادة تأويل نسوية من أجل العدالة
كلمة "الشريعة" وحدها يمكن أن تثير ردود فعل قوية، وغالبًا ما تكون مشوبة بصور القمع وعدم المساواة. ولكن بالنسبة لحركة متنامية من النسويات الإسلاميات، ليست الشريعة هي المشكلة في حد ذاتها، بل هي بالأحرى إمكانية للعدالة والتحرر – إذا ما تم تأويلها بشكل صحيح.
كثير من المسلمين في المجتمعات المعاصرة يشعرون أن التأويلات التقليدية، وغالبًا ما تكون أبوية، للشريعة، تتعارض مع المبادئ الحديثة للمساواة والكرامة الإنسانية. هذا الشعور ليس فريدًا من نوعه، بل هو القوة الدافعة وراء إعادة تأويل حيوية ومهمة للشريعة الإسلامية.
من الفقه إلى روح الشريعة الحقيقية: فرق حاسم
يكمن جوهر إعادة التأويل النسوية في التمييز بين الشريعة والفقه:
الشريعة: وفقًا للنسويات الإسلاميات، الشريعة هي قانون الله الإلهي، المثالي وغير المتغير – طريق مبني على مبادئ مثل العدالة (العدل)، والرحمة (الرحمة)، والصلاح (المصلحة) لجميع البشر.
الفقه: هذا هو الفهم البشري وتأويل الشريعة. عبر التاريخ، تطور الفقه على يد فقهاء ذكور في سياقات اجتماعية وثقافية محددة. ترى النسويات الإسلاميات أن هذه التأويلات الفقهية التاريخية غالبًا ما تعكس معايير أبوية لتلك الفترة، وليست جوهر الشريعة الإلهي الحقيقي.
الموقف النسوي واضح: إذا كان تأويل الشريعة يؤدي إلى الظلم أو التمييز، فلا يمكن أن يكون متوافقاً مع الروح الحقيقية للإسلام.
إعادة التأويل من خلال الاجتهاد النسوي
تستخدم النسويات الإسلاميات مبدأ الاجتهاد – أي التأويل المستقل للمصادر الإسلامية (القرآن والسنة) في ضوء الظروف الحديثة ومبادئ العدالة. وهن يقلن إن "باب الاجتهاد" لم يُغلق أبدًا، وأنه ضروري لكي تظل الشريعة ذات صلة وعادلة.
قراءة شاملة للقرآن: يعتمدن على قراءة شاملة للقرآن كمصدر أساسي وأسمى للشريعة والأخلاق الإسلامية. يؤكدن على الآيات التي تتحدث عن المساواة بين الرجل والمرأة ككائنات روحية، ويؤولن الآيات الصعبة (مثل تلك التي تتناول تعدد الزوجات أو القوامة) في ضوء الإطار الأخلاقي العام للقرآن.
تحليل نقدي للحديث والفقه: يقمن بتحليل نقدي لمجموعات الحديث (أقوال وأفعال النبي محمد) والمجموعات الفقهية القديمة. ويبحثن في مدى صحة بعض الأحاديث ويرَيْن أن بعضها ربما تأثر بالتحيزات الثقافية لزمن تدوينها. ويهدفن إلى تحديد وتحدي التأويلات التي رسخت هياكل السلطة الأبوية.
إعادة النظر في المفاهيم القانونية الأساسية
يؤدي هذا التفكير النسوي الجديد إلى إعادة النظر في العديد من المفاهيم الشرعية التي استخدمت تقليديًا لتقييد حقوق المرأة:
القوامة: بدلاً من سلطة الرجل على الزوجة، يتم إعادة تأويل هذا المفهوم على أنه مسؤولية الرجل المالية ورعايته، بدلاً من التفوق الهرمي، مع التركيز على المتبادلة والشراكة في الزواج. ويزعمن أنه إذا لم يفِ الرجل بالتزاماته المالية أو تصرف بظلم، فإن "قوامته" تسقط.
تعدد الزوجات: غالبًا ما يزعمن أن الآية القرآنية المتعلقة بتعدد الزوجات (جواز الزواج بأربع نساء) مقيدة بشدة بشرط العدالة التامة بين الزوجات – وهي عدالة يرون أنها مستحيلة التحقق. ولذلك، يجب إما حظر تعدد الزوجات أو تنظيمه بشكل صارم وجعله نادرًا.
الطلاق (الطلاق): ينتقدن حق الرجل المنفرد في الطلاق دون تبرير، ويدعمن تعزيز حق المرأة في الخلع وتسهيل حصولها عليه، استنادًا إلى العدالة والمتبادلة في العلاقة.
الميراث: على الرغم من أن القرآن يحدد أن الابن يرث ضعف نصيب البنت، ترى بعض النسويات الإسلاميات أن هذه القاعدة يجب أن تُفهم في سياقها التاريخي حيث كان الرجال يتحملون المسؤولية الاقتصادية الأساسية. ويزعمن أن الاقتصادات الحديثة ومساهمة المرأة في كسب عيش الأسرة يمكن أن تبرر تأويلًا جديدًا يؤدي إلى مساواة أكبر في الميراث، أو استخدام مبادئ إسلامية أخرى لتسوية الفروق.
قواعد اللباس (الحجاب): بينما يقبل الكثيرون الحجاب كخيار ديني، فإنهم يتحدون فرض الحجاب بالإكراه ويؤولونه كمتطلب للحشمة للرجال والنساء على حد سواء، بدلاً من كونه مجرد حجاب للنساء.
الشريعة كمصدر للتحرر
بالنسبة للنسويات الإسلاميات، الشريعة ليست قيداً على المساواة، بل هي مصدر محتمل للتحرر. من خلال استعادة سلطة التأويل والتأكيد على المبادئ الأخلاقية للعدالة في الشريعة، يؤكدن أنه يمكن تحقيق شكل من أشكال المساواة متجذر في عقيدتهن ومتوافق مع حقوق الإنسان العالمية. عملهن لا يقتصر على الجانب الأكاديمي، بل هو حركة نشطة تسعى إلى إصلاح القوانين والمعايير الاجتماعية في المجتمعات الإسلامية.
بالنسبة للمسلمين في الغرب، وعالميًا، يقدم التأويل النسوي طريقًا قويًا للجمع بين إيمان عميق بقناعة راسخة بالمساواة وحقوق الإنسان.
ما رأيك في هذه الرؤية النسوية للشريعة؟ شاركنا أفكارك في التعليقات!

Kommentarer
Skicka en kommentar